الرابطة
والمراقبة
الرابطة (المراقبة) وإن كانت أصالة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنه لا شك فى جوازها أيضا لأولياء الله العارفين، والمشايخ الكاملين، الذين هم مأمورون بسلوك العباد وإرشادهم، فإنهم آله وأتباعه ونوابه وورثته صلوات ربى وسلامه عليه، الذين أمرنا بحبهم وإكرامهم والبر بهم، كما وقعت الإشارة فى الحديث السابق إليهم، فكما جازت الصلاة والتسليم عليهم تبعا للنبى صلى الله عليه وسلم جازت الرابطة (المراقبة) إليهم أيضا لأنها ليست من الخصائص النبوية، بل هى من لوازم الدعوة وتتمة الإرشاد والتربية، وهم يشاركونه فيها وفى لوازمها من حيث كونهم أتباعه ونوابه إلى يوم القيامة، فكيف لا؟ ألا ترى قوله تعالى ﴿قل هذه سبيلى أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى﴾ فأنظر كيف أشركهم به فى الدعوة والإرشاد وامتثالا لقوله تعالى ﴿لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة﴾ فهم أحق الناس اقتداءً به واتباعا، وتأمل أيضا كيف أوجب لهم الطاعة علينا بقوله ﴿يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم﴾ وقال صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى) والأعمال بدنية وقلبية، فالحركات والتصورات المباحة إذا نوى بها الإنسان الطاعة أو التقوى فله ما نوى ولو لم يدرك مراده، فكيف إذا تحقق حصول المراد؟!!
وقال الفقهاء: يسن للمصلى أن لا يجاوز بصره إشارته وذلك لأنه أجمع للهمم وأدفع للتفرقة، فحين القيام فى الصلاة ينظر لموضع سجوده وحين الركوع ينظر لظاهر القدمين وحين الجلوس ينظر لحجره وحين السجود ينظر لأرنبة أنفه وحين التسليم إلى منكبيه، فكذلك الرابطة (المراقبة) تستعمل لدفع الأغيار واستجلاب الحضور. وقد روى فى الأثر أن أحب عباد الله إلى الله الذين يحببون عباد الله إلى الله ويمشون فى الأرض بالنصيحة، فهذا الذى ذكر فى الأثر هو رتبة المشيخة والدعوة إلى الله كما ذكره السهروردى فى