لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ماخلق الله الخلق
سئل مفتى الديار المصرية سؤال: هل عبارة (لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ماخلق الله الخلق) صحيحة المعنى ولا تتعارض مع أصول الدين وأساسيات الإعتقاد الصحيح، وما معناها؟ وكان جوابه: الأصل فى الألفاظ التى تجرى على ألسنة الموحدين أن تحمل على المعانى التى لا تتعارض مع أصول التوحيد، ولا ينبغى أن نرمى الناس بالكفر والفسق والضلال والابتداع، فإن إسلامه قرينة قوية توجب علينا ألا نحمل ألفاظه على معنى الظاهر إن اقتضت كفرا أو فسقا، وتلك قاعدة عامة ينبغى على المسلمين تطبيقها فى كل العبارات التى يسمعونها من إخوانهم المسلمين، ولنضرب لذلك مثلا فالمسلم يعتقد أن المسيح عليه السلام يحيى الموتى ولكن بإذن الله وهو غير قادر على ذلك بنفسه وإنما بقوة الله وحوله، والمسيحى يعتقد أنه يحيى الموتى ولكنه يعتقد أن ذلك بقوة ذاتية وإنه هو الله أو ابن الله أو أحد أقانيم الإله كما يعتقدون. وعلى هذا فإذا سمعنا مسلما موحدا يقول (أنا أعتقد ان المسيح عليه السلام يحيى الموتى) ونفس المقولة قالها آخر مسيحى فلا ينبغى ان أظن أن المسلم تنصر بهذه الكلمة بل احملها على المعنى اللائق بانتسابه للإسلام ولعقيدة التوحيد. أما العبارة الواردة إلينا فى السؤال فلا ظاهرها ولا باطنها يوحى بأنه شرك، فإن اعتقد أى إنسان أن الله خلق الخلق من أجل مخلوق فهذا ليس كفرا ولا يخرجه من الملة، غاية الأمر أنه اعتقد أمرا خلاف الواقع، هذا إن كان الاعتقاد خاطئ. ولكن معنى قولنا (لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ماخلق الله الخلق) فتلك عبارة لا تتناقض مع الإسلام وأصول العقيدة وأساسيات التوحيد، بل تؤكده وتدعمه خاصة إذا فهمت بالشكل الصحيح الذى سنبينه إن شاء الله. فمعنى القول بأنه (لولا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ماخلق الله الخلق) هو أن الله سبحانه وتعالى قال فى كتابه العزيز ﴿وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون﴾ فتحقيق العبادة هى حكمة الخلق والعبادة لا تتحقق إلا بالعابدين، فالعبادة عرض قائم بالعابد نفسه، وأفضل العابدين هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فهو عنوان العبادة وعنوان التوحيد، كما أن الآية تتكلم عن الجن والإنس ولا تتكلم عن باقى المخلوقات، أما باقى مافى السموات والأرض فهو مخلوق لخدمة الإنسان قال تعالى ﴿وسخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض جميعا منه إن فى ذلك لآيات لقوم يتفكرون﴾ وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو عنوان الإنسانية بل هو الإنسان الكامل ولقد خاطبه ربه بذلك قائلا له سبحانه ﴿يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه﴾. وعلى هذا فإن تلك العبارة منسجمة تمام الإنسجام مع أصول التشريع الإسلامى فالنبى صلى الله عليه وسلم هو محقق حكمة خلق الخلق لأنه عنوان قضية التوحيد والعبادة التى هى حكمة خلق الجن والإنس، وهو الإنسان الكامل وعنوان الإنسانية التى من أجلها خلق الله ما فى السموات والأرض، والله تعالى أعلى وأعلم.